فصل: (سورة الضحى: الآيات 4- 5)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

قال ابن خالويه:
ومن سورة والضحى لأن سورة والليل لا خلاف فيها إلا الإمالة والتفخيم:
قوله تعالى: {والضحى} قسم وكان ابن كثير يكبر من اول هذه السورة إلى إن يختم فيقول إذا انقضت السورة الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخر القرآن يختم وحجته في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
ووجهه أن الوحي أبطأ عنه أربعين صباحا فقال كفار قريش ومنافقوها قلاه ربه وودعه الناموس فأهبط الله عز وجل عليه جبريل عليه السلام فقال له يا محمد السلام عليك فقال: «وعليك السلام» فقال صلى الله عليه وسلم سرورا بموافاة جبريل وابطال قول المشركين «الله أكبر» فقال جبريل اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى} ثم عدد عليه أنعامه وذكره إحسانه وادبه بأحسن الآداب. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الضحى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الضحى: الآيات 1- 3]

{والضحى (1) وَالليل إِذا سجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قلى (3)}

.الإعراب:

{والضحى} متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم {إذا} ظرف في محلّ نصب مجرّد من الشرط متعلّق بفعل أقسم {ما} نافية في الموضعين..
جملة: (أقسم) بالضحى... لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: {سجي...} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {ما ودّعك ربّك...} لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة: {ما قلى...} لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.

.الصرف:

(2) {سجي}: فيه إعلال بالقلب، أصله سجو- مضارعه يسجو- بمعنى سكن باب نصر، تحرّكت الواو بعد فتح قلبت ألفا، وكان حقّه أن يرسم بالألف الطويلة (سجا) ولكنّ رسم المصحف جاء بالياء غير المنقوطة {سجي} ليناسب قراءة الإمالة..
(3) {قلى}: فيه إعلال بالقلب، أصله قلو- مضارعه يقلو- باب نصر، تحرّكت الواو بعد فتح قلبت ألفا وعلّة رسمه بالألف القصيرة كعلّة سجي..
وجاء في المصباح: قليت الرجل أقليه باب ضرب إذا أبغضته، ومن باب تعب لغة، فالألف واويّة وائيّة بآن معا.

.البلاغة:

الاسناد المجازي: في قوله تعالى: {وَالليل إِذا سجى}.
أي سكن أهله، على أنه من السجو وهو السكون مطلقا، والاسناد مجازي حيث أسند السكون إلى الليل وهو لأهله.

.الفوائد:

- سبب نزول السورة:
اختلف العلماء في سبب نزول هذه السورة على ثلاثة أقوال:
1- عن جندب بن سفيان البجلي قال: اشتكى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك ليلتين أو ثلاثا فأنزل اللّه عز وجل: {والضحى والليل إذا سجي}.
وأخرجه الترمذي عن جندب قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار، فدميت أصبعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل اللّه ما لقيت»
قال: فأبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد ودّع محمد، فأنزل اللّه عز وجل: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قلى}.
وقيل: إن المرأة المذكورة في الحديث المتفق عليه، هي أم جميل، امرأة أبي لهب.
2- قال المفسرون: سألت اليهود رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الروح، وعن ذي القرنين وأصحاب الكهف، فقال: «سأخبركم غدا»، ولم يقل: إن شاء اللّه، فاحتبس الوحي عليه ثم نزل.
3- قال زيد بن أسلم: كان سبب احتباس الوحي، أن جروا كان في بيته، فلما نزل عليه عاتبه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على إبطائه، فقال: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة.
واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقيل: اثنا عشر يوما. وواضح أن الرواية الأولى أقوى في سبب النزول، وتتفق مع الواقع أكثر.

.[سورة الضحى: الآيات 4- 5]

{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولى (4) ولسوف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى (5)}.

.الإعراب:

(الواو) عاطفة (اللام) لام القسم في الموضعين {لك} متعلّق بـ: {خير}، {من الأولى} متعلّق بـ: {خير}..
جملة: {للآخرة خير...} لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم المتقدّم.
وجملة: {سوف يعطيك ربّك...} لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم المتقدّم وجملة: {ترضى...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {يعطيك}.

.[سورة الضحى: الآيات 6- 8]

{أَلَمْ يَجِدْكَ يتيماً فآوى (6) وَوَجَدَكَ ضالا فهدى (7) وَوَجَدَكَ عائلا فأغنى (8)}.

.الإعراب:

(الهمزة) للاستفهام التقريريّ {يتيما} مفعول به ثان منصوب (الفاء) عاطفة في المواضع الثلاثة، ومفعول (آوى) مقدّر، وكذلك مفعولا (هدى، أغنى)...
جملة: {لم يجدك...} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {آوى...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {وجدك...} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {هدى} لا محلّ لها معطوفة على جملة {وجدك}.
وجملة: {وجدك (الثانية)} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {أغنى} لا محلّ لها معطوفة على جملة {وجدك} (الثانية).

.الصرف:

(8) {عائلا}: اسم فاعل من عال يعيل باب ضرب وزنه فاعل، وفيه قلب حرف العلّة همزة بعد ألف فاعل، أصله عايل أي فقير..

.البلاغة:

الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضالا فهدى}.
حيث شبه الشريعة بالهدي، وعدم وجودها بالضلال، وحذف المشبه وأبقى المشبه به وهو الضلال.

.[سورة الضحى: الآيات 9- 11]

{فَأَمَّا اليتيم فَلا تقهر (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تنهر (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فحدث (11)}.

.الإعراب:

(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (أمّا) حرف شرط وتفصيل {اليتيم} مفعول به مقدّم عامله {تقهر}، (الفاء) رابطة لجواب أمّا (لا) ناهية جازمة (الواو) عاطفة في الموضعين {أمّا السائل فلا تنهر} مثل أمّا اليتيم فلا تقهر، {بنعمة} متعلّق بـ: (حدّث) ولا تمنع الفاء ذلك..
جملة: جملة الشرط أمّا وجوابه لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذا كان حالك كذلك يتما وضلالا وفقرا فمهما يكن الأمر فلا تقهر اليتيم...
وجملتا الشرط وجواباهما التاليتان معطوفتان على الجملة الأولى.
وجملة: {تقهر...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {تنهر...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {حدّث...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.

.الفوائد:

الإحسان إلى اليتيم والسائل:
في هاتين الآيتين توجيه رفيع، وخلق كريم، فهما تحضان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى ملاطفة اليتيم، وعدم زجر السائل. وهذا الخطاب ليس لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحسب، وإنما هو لكل مؤمن.
روى البغوي بسنده، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشرّ بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه»، ثم قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، ويشير بأصبعيه».
وعن سهل ابن سعد قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة الوسطى وفرج بينهما».
وأما عدم زجر السائل، فتتحقق فيه أعلى معاني الإنسانية، قال إبراهيم النخعي: السائل يريدنا إلى الآخرة، يجيء إلى باب أحدكم فيقول: هو توجهون إلى أهليكم بشيء؟ وقيل: السائل هو طالب العلم، فيجب إكرامه وإسعافه بمطلوبه، ولا يعبس في وجهه، ولا ينهر ولا يلقى بمكروه وعلى كل حال، فالسائل مهما كان نوع سؤاله، سواء سأل المال أم أي حاجة، أو سأل أن تدله على مكان، فإما أن تحقق له سؤاله إن أمكن، وإلا فقول معروف واعتذار. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(93) سورة الضّحى مكيّة، وآياتها إحدى عشرة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الضحى: الآيات 1- 11]

{والضحى (1) وَالليل إِذا سجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قلى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولى (4) ولسوف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يتيماً فآوى (6) وَوَجَدَكَ ضالا فهدى (7) وَوَجَدَكَ عائلا فأغنى (8) فَأَمَّا اليتيم فَلا تقهر (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تنهر (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فحدث (11)}.

.اللغة:

{سجى} سكن وركد ظلامه وفي المختار: وقد سجى الشيء من باب سما سكن ودام وقوله تعالى: و{الليل إذا سجى} أي دام وسكن ومنه البحر الساجي وطرف ساج أي ساكن وسجى الميت تسجية أي مدّ عليه ثوبا. قال الشاعر:
يا حبذا القمراء والليل الساج ** وطرق مثل ملاء النسّاج

والساج أيضا: الطيلسان الأخضر وجمعه سيجان، وسيأتي مزيد منه في باب البلاغة.
{وَدَّعَكَ} قرأ العامة بتشديد الدال من التوديع وهو مبالغة في الودع لأن من ودعك مفارقا فقد بالغ في تركك، روي أن الوحي تأخر عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أياما فقال المشركون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه وقيل إن أم جميل امرأة أبي لهب قالت له: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت.
وقرئ بالتخفيف من قولهم ودعه أي تركه.
وقد اختلف في دع بمعنى اترك هل يتصرف فيأتي منه الماضي والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول؟ قال الجوهري: أميت ماضيه وقال غيره: ربما جاء في الضرورة وهو المشهور ولكن حيث جاء في القرآن ما ودعك وفي الحديث: «لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات أو ليختمن اللّه على قلوبهم ثم ليكوننّ من الغافلين» أي تركهم، وجاء اسم المفعول وغيره في الشعر فيجوز القول بقلة الاستعمال لا بالإماتة وقال الشاعر:
ليت شعري عن خليلي ما الذي ** غاله في الحب حتى ودعه

{قلى} أبغض وفي المصباح: قليته قليا وقلوته قلوا من بابي ضرب وقتل وهو الإنضاح في المقلى وهي مفعل بالكسر وقد يقال مقلاة بالهاء اللحم وغيره مقلى بالياء ومقلو بالواو والفاعل قلّاء بالتشديد لأنه صنعة كالعطّار والنجّار وقليت الرجل أقليه من باب رمى قلى بالكسر والقصر وقد يمدّ إذا أبغضته ومن باب تعب لغة.
وفي حديث عن عائشة أن رجلا استأذن على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: {إيذنوا له فبئس رجل العشيرة} فلما دخل ألان له القول فقالت عائشة: يا رسول اللّه قلت له الذي قلت فلما دخل ألنت له القول؟ فقال: يا عائشة إن شرّ الناس منزلة يوم القيامة من ودعه الناس- أو تركه الناس- اتّقاء فحشه.
وقال ابن خالويه: يقال قلاه يقلاه بفتح الماضي والمستقبل وليس في كلام العرب فعل بفتح الماضي والمستقبل فيه مما ليس فيه حرف من حروف الحلق إلا قلى يقلى وجبى يجبى وسلى يسلى وأبى يأبى وغسى يغسى وركن يركن عن الشيباني وأما قوله قلوب البسر والسويق فبالواو والمصدر القلو وأما القلو فالحمار.
ولعل رواية الشيباني التي اعتمد عليها ابن خالويه مما انفرد به إذ لم يرد في جميع معاجم اللغة التي بأيدينا إلا ما أورده صاحب المصباح ونص عبارة التاج: على أن قليه في البغض كرضيه يرضاه وفي الحديث: «وجدت الناس أخبر تقله» بالهاء للسكت ولفظه لفظ الأمر ومعناه الناس أي من خبرهم أبغضهم والمعنى وجدت الناس مقولا فيهم هذا القول.
{فآوى} قرأ العامة آوى بألف بعد الهمزة رباعيا من آواه يؤويه.
وقرأ أبو الأشهب: {فآوى} ثلاثيا.
وفي المصباح: أوى إلى منزله يأوي من باب ضرب أويا أقام وربما عدّي بنفسه فقيل أوى منزله والمأوى بفتح الواو لكل حيوان مسكنه وآويت زيدا بالمدّ في التعدّي ومنهم من يجعله مما يستعمل لازما ومتعديا فيقول: أويته وزان ضربته ومنهم من يستعمل الرباعي لازما أيضا وردّه جماعة.
{عائلا} فقيرا وهي قراءة العامة، يقال عال زيد من باب سار أي افتقر وأعال كثرت عياله.
وقرئ {عيّلا} بكسر الياء المشددة كسيّد وهذه المادة لها أصلان واوي ويائي.
أما الواوي فقد قال في القاموس فيه: عال أي جار ومال عن الحق والميزان نقص وجار أو زاد يعول ويعيل وأمرهم اشتد وتفاقم والشيء فلانا غلبه وثقل عليه وأهمّه والفريضة في الحساب زادت وارتفعت وعلتها أنا وأعلتها وعال فلان عولا وعيالة كثر عياله كأعول وأعيل وعياله عولا وعئولا وعيالة كفاهم ومانهم كأعالهم وعيّلهم وأعول رفع صوته بالبكاء والصياح كعوّل والاسم العول والعولة والعويل وعليه أدلّ وحمل كعوّل وفلان حرص كأعال وأعيل والقوس صوّتت وعيل عوله ثكلته أمه وصبري غلب فهو معول كعال فيهما وعيل ما هو عائله غلب ما هو غالبه يضرب لمن يعجب من كلامه ونحوه والعول كل ما عالك والمستعان به وقوت العيال وعوّل عليه معوّلا اتكل واعتمد والاسم كعنب وعيّلك ككيّس وكتاب من تتكفل بهم واويه يائية والجمع عالة.
واستدرك شارحه فقال: قال الصاغاني في التكملة: العيال جمع عيّل كجياد جمع جيد وهو من يلزم الإنفاق عليه ويكون اسما للواحد كما ذكره الحريري في مقاماته وذكره المطرزي في شرحه.
وأما اليائي فقال صاحب القاموس: عال يعيل عيلا وعيلة وعيولا ومعيلا افتقر فهو عائل والجمع عالة وعيّل وعيلى كسكرى والاسم العيلة والمعيل الأسد والنمر والذئب لأنه يعيل صيدا أي يلتمس وعالني الشيء عيلا ومعيلا أعوزني وفي مشيه تمايل واختال وتبختر كتعيّل. إلى آخر ما جاء في هذه المادة.